3 يوليو 2023
حاورها : هاني نديم
نور هاشم السيف، تشكيلية سعودية بهوية بصرية خاصة وواضحة لا يمكن أن يشوبها التباس، ألوانها، تكويناتها، مقاييسها، مواضيعها، إنها لوحة توقيعها صارخ يعلن عن نفسه من أول صالة العرض، لهذا أحب لوحات نور ويحبها معي الكثير حول الوطن العربي، هذا إلى جانب اهتمامها الكبير بالسينما ونقدها. التقيتها في دردشة عن التشكيل والسينما وعلاقتها بين الفنين. سألتها:
- لوحتك هوية بصرية بتنا نعرفها بك ونعرفك بها، لوحة خاصة فيها الكثير من الثيمات البصرية المحلية والعالمية. كيف أستطيع توصيف لوحة نور هشام السيف؟ إلى أي مدرسة تنتمي وكيف تبدأين اللوحة؟ هل من كروكي ما؟
– لوحتي هي أناي الملونة والمتعددة،أحياناً أرغب أن أحتفل في محيطي بمجنون مثلي، فيحدث الكثير من الالتباس نحو هذة المسائل، مسألة أن تشرح ذاتك أو تخففها من طبقات ثقيلة، مسألة مربكة و ربما زاد تعقيدها بعد ممارسة الفن التشكيلي ومع إنجاز العديد من المشاريع وتراكماتها، لوحتي هي أنا والآخر وأنا مكان الآخر و الآخر في مكاني، عدا عن ذلك لا أجيد الالتزام بالمدارس فالمدارس ماتت.
أبدأ اللوحة بالتجمل والتزين، أنا على موعد مع ( …) تلك هي إحدى السبل التي تجعلني أقفز من مقام العزلة إلى مقام الحميمية وعلى عكس الطقس الشائع.. لا استمع إلى الموسيقى والأغنيات، فهي تثير الشجون،استمع إلى الحكي والحكائين لمؤانستي في سهرتي الفنية.
علمتني السينما بعطاياها التكوينية التلوين والمنظور و الضوء والظل ولغة العيون والمشاعر ووجود الموديل الحي أمام غيابه التام في الواقع
- بين السينما والرسم خط هائل من العلاقة المتشابكة، كيف تصفين علاقتك بالفنين وأيهما دفع بك إلى الآخر؟
– السينما أصل الحكاية كونها عززت لدي مفردات الفن بهوامشها قبل متونها وذلك بفضل ذاكرتها الخالدة، ففي نشأتي لم أتأثر بصرياً بالفن التشكيلي و لم أكن أميل إلى دخول كورسات تطوير مهاراتي الفنية. ولم استثمر في تخصصي الأكاديمي “التربية الفنية”، بينما السينما بعطاياها التكوينية علمتني التلوين والمنظور و الضوء والظل ولغة العيون والمشاعر ووجود الموديل الحي أمام غيابه التام في الواقع المحافظ آنذاك، هذا من الجانب التقني، أما الجانب الإنساني علمتني الشفافية و كسر حاجز الخوف والتصالح مع الهشاشة و الحس الساخر والفانتازيا.
حين أشاهد فيلم أتمعن في التكوين المتحرك أخرج منه ويبقى تكويناً ثابتاً مستيقظاً في عقلي، هذا النمط من التفكير يجعلني اتعاطى بحساسية شديدة تجاه الحوارات!
الكلام والثرثرة داخل الأفلام والدراما يفسدان الكثير من هذا الثبات، كوني أربط صنعة الفيلم باللوحة ، والفنين كمنجز بصري لا يجب فيهما الإبتذال في الشرح والتبرير والفلسفة.
أعيش في عالم الحلم بشكل سرمدي ولا أخرج رأسي للعالم إلا قليلاً
- كيف كانت البدايات؟ ماذا تحقق من الأحلام وإلى أين تمضين بمشروعك؟
– البدايات متعثرة الفن يحتاج إلى مناخ وهذا المناخ لم يكن متوفراً، لذا كنت أعمل بصمت و أعرض مشاركاتي في المنطقة الشرقية ، كنت أقاوم حينها غواية نيل الرضا أو النجاة من الصدام. حتى انطلقت من مدينة جدة ، هذة المدينة التي أرست دعائم الفن المعاصر في السعودية ، احتوتني بكرم واستوعبت مشروعي الفني فكان فيها معرضي الأول (ألا يحدث ذلك كله) ومنه انطلقت إلى دول الجوار .
ما تحقق من الأحلام هو أمر معقد في توصيفه كل ما أعرفه الآن أنني بين عالم يشبهني و لا يهم أين يذهب بالتحديد فالأقدار تتغير ، المهم أن ينمو بالمتعة و المعرفة وكوني أعيش في عالم الحلم بشكل سرمدي ولا أخرج رأسي للعالم إلا قليلاً .فلا أدرك ما الذي تحقق وما الذي لازال في طيات الحلم فالعالم كله في رأسي.