26 يوليو 2023
لما قنطار – كاتبة سورية
إنّها نجمة تضاهي جميع نجوم الكواكب جمالا، نجمة عندما تسطع نورها يضئ الكون بأكمله، ويصل دفؤها إلى آلاف الكيلومترات من المسافات. نجمة تضاهي الشمس بالدفء،تسطع فتحتضن ملايين البشر بحنانها. إنها سوريا الغالية، بلاد الشمس، بدمشقها شامة الدهر على وجنة الدنيا، أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، فمنها انطلق المجد ومنها انطلق الحب والسلام.
سوريا الحضارة التي امتدت عبر عصور الزمن، سوريا العطاء التي قدمت أبناءها قرابين لدول العالم ليسطعوا في جميع مجالات العلم، ويرفعوا اسمها وعلمها عالياُ مرفرفاً تقشعر لرؤيته الأبدان وتخفق القلوب، سوريا جاذبة المستشرقين ليشاهدوا التاريخ على الواقع، سوريا الستينيات ،والانفتاح والحرية على الآخر ، سوريا الوحدة والسلام، هكذا هي بلدي التي أفخر بها، هكذا هي بلدي التي تغنى بها بها الكثير من الشعراء وأهمهم نزار قباني حينما قال : لا أستطيع أن أكتب عن دمشق دون أن يعرش الياسمين على أصابعي.
يا ابنة العم والهوى أمويّ كيف أخفي الهوى وكيف أبين؟
غفت سوريا للحظات في أيام الربيع فعاد خريفاً قاسياً ظالماً مجحفاً، أتاها كالإعصار وحاول أن يغير كل معالمها. وأصاب اكتئاب الخريف ناسها الطيبين حتى باتوا لايعرفون بوصلتهم، فمنهم من اتجه للبحر وغرق، ومنهم من نجا ولم ينج، فالذي وصل عاش حياة لاتشبهه واضطر ليُسمى لاجئاً، وفوق قسوة غربته وحياته وشوقه قست عليه الدنيا وقست عليه الخليلة والولد، الزوجات لجأن إلى أمان مزيّف، إلى وحش الخراب والدمار ، دمار العائلة. طالبن بالانفصال دون سبب كأنهن عانين من العبودية في بيوت أزواجهن، وانطبق المثل (كنا بجرة وطلعنا لبرا)، وظهر مارد التمرد والقسوة في تلك النسوة، وهن لا يعرفن توابع الانفصال في دول الخارج، ومدى تأثيره على الأطفال الناجين من السنين العجاف.
نام شعبي بأمان، واستيقظ على صرخات الموت والثكالى والإرهاب، أرادوا أن يخفتوا شعاع تلك النجمة، أرادوا أن يقطفوها ويخبؤوها إلى بعد حين. كانت غيرتهم منها كما غيرة إخوة يوسف من نبوءته، ولكن دائما شعبنا الحي بالمرصاد فصمد وتحمل وقاوم وما زال يحافظ على التاريخ الذي مهما مرّ عليه لايمكن أن يُدفن، لأن مابقي منّا في بلدي حُفر في ذاكرته ماحدث ليتعلم كيف يكون الصمود، وكيف يقف في ظهر بلده كالسيف .
لايمكن أن يمحى تاريخك يابلد ونحن أولادك الذين حتى وقت حزنك نتغنى بأمجادك وجمالك، لايمكن لأحد أن يجرؤ ويقول سوريا المهزومة طالما يوجد مواطن واحد يتنفس الصعداء رغم ظروفه المجحفة، سيعود ربيعك المزهر ليُجلى الخريف الكئيب ويعود ياسمينك يفوح عطرا ليملأ الدنيا بخوراً يقدّس العالم .منحبك يا بلد كما أنت وكما كنت وكما ستصبح، تصبح على خير كبير ووفير كما عهدناك دوماً تصبح على نجوم كثيرة لامعة في سمائك لتضاهي السماء بحد ذاتها بنورك الكريم سوريا في القلب وللأبد.
