نجح أبناؤنا داخل أسوار المدارس.. ماذا عن خارجها؟

27 يوليو 2023

نمرّ هذه الأيام بإعلان نتائج طلاب التوجيهي في الوطن العربي بشكل عام، نجح الطلاب واحتفل الأهل بهذا أكثر من أبنائهم، إذ أن تلك النتائج هي أيضاً امتحان لجهوزية الأهل وتأهيلهم وحصاد لتعبهم وسهرهم ودعواتهم.

حسنٌ، ظهرت النتائج واحتفلنا بطعم النجاح الذي لا يشبهه طعم، الإذاعات أعادت أغنية عبدالحليم حافظ “وحياة قلبي وأفراحو” وسمعناها بابتهاج، والتلفزيونات هنأت الأسر وبشرتهم بمستقبل باهر. إلا أنه في الحقيقة، تبدأ من تلك اللحظة مواجهة جديدة خارج أسوار المدارس، لنا كأهل ولأبنائنا الذين سيخرجون إلى الكون الفسيح، وفيه ما فيه من عقد وإرباكات وخذلانات وتحديات.

هذا يعني أن التأهيل العلمي لا يكفي ويجب أن نتنبه لذلك، قال لي أحد الطلاب في ورشة عملٍ صحفية: “هل تصدق أن أهلي لم يشيروا لي بكلمة واحدة عن صعوبة الحياة؟ كنت أظنها أسهل بكثير مما يحدث معي”!

لا شيء أجمل من النجاح والبشر والتفاؤل، ولكن إلى جانب رحلتنا في التأهيل العلمي لأولادنا لا بد لنا من تأهيلهم نفسياً وروحياً، أن نشد عزمهم ونلوي عريكتهم ونرفع شكيمتهم ونسحب عروق الدعة والراحة من دمائهم. ويحضرني قول ثيودور روزفيلت عن هذا إذ يقول: “النجاح الحقيقي يعتمد على مدى قابليتك في التعامل مع الناس” .

العالم يحتاج إلى شيء من القسوة والنجاح لا يكون إلا بالاستمرار، يقول روبرت كيلر: النجاح هو مجموع جهود صغيرة تتكرر وتتكرر إلى الأبد.

ومن ثم علينا أن نفرق دوما بين النجاح والأهمية، ألم يقل ألبرت أنشتاين: “لا تسعى جاهداً لتكون ناجحاً، بل اسع لتكون ذا قيمة”. نعم ثمة فرق شاسع حيث أن النجاحات قد تكون بطريقة غير مشروعة وتقلل من القيمة والقيم.

ألبرت آخر، هو ألبرت شفايتزر يقول: النجاح ليس مفتاحاً للسعادة، بل السعادة هي مفتاح النجاح.

وأحب في هذا السياق قول بابلو بيكاسو الذي يقول: إن أردأ المعلمين هو الذي يقنع العباقرة من طلابه بأنهم لن يهزمهم أحد!

نعم، إن الفشل وراء الفشل، والتجريب وراء التجريب، هو مكوّن أساسي للنجاح، وما يحدث خارج تلك الفكرة هو نجاح قصير، إذ أن الفشل هو ما يكرس مفاتيح النجاح ويفهمنا صفاته وملامحه وكيف نبقيه.

أصرّ دائماً على تعليم أبنائنا علوماً خارج علوم المدارس والكتب، علوم الحياة والتجريب والمصارعة مع الحياة بأي شكل من الأشكال، حتى يتبين أولادنا بأنفسهم مواطن ضعفها ثم هزيمتها.

قد يعجبك ايضا