هل أفسد سيناريو “ع الزيرو” محاولات محمد رمضان الجادة لمصالحة جمهوره؟

إيمان علي

طفل مريض بالسرطان ومعاناة أب شاب يلجأ إلى مافيا تجارة الأعضاء البشرية في محاولة لإنقاذ طفله اليتيم  .. مأساة إنسانية اعتمد عليها صناع فيلم “ع الزيرو” لجذب تعاطف الجمهور، والفيلم المعروض
في الموسم السينمائي الحالي، يحاول من خلاله محمد رمضان الابتعاد عن الصورة النمطية والمتوقعة للبطل الذي لا يهزم والشخصيات السينمائية التي قدمها ووصمته –نقديا وجماهيريا- بالترويج للبلطجة والعنف، ليغير من جلده في شخصية أب يعيش مأساته، شخصية من لحم ودم.

لكن هذه النقلة التي أقدم عليها بتعاونه مع شركة العدل جروب فنيا لم تتجاوز ال15 مليون جنيه فقط هى إيرادات الفيلم منذ عرضه قبل أسابيع قليلة رغم حالة الانتعاشة التي يشهدها الموسم السينمائي الحالي وتحقيق أغلب الأفلام المعروضة لإيرادات ضخمة تجاوزت ال150 مليون جنيه، وهو ما يطرح تساؤل هل نجح التغيير الذي قام به محمد رمضان في تحسين صورته سينمائيا ومصالحته على جمهوره؟

 

 

 

قضية جادة وسيناريو مفكك

بعيدا عن الكوميديا التي تميز أغلب أفلام الموسم يتناول صناع “ع الزيرو” قضية جادة وهى انهيار منظومة الصحة في مصر والتعامل غير الآدمي مع الفقراء في المستشفيات مما يهدد حياتهم، إلى جانب التطرق إلى قضية مافيا تجارة الأعضاء البشرية وكل ذلك في إطار إنساني تشويقي.

لكن هذه الجدية أضرها السيناريو المفكك والتقليدي في كثير من الأحيان، فالبطل حمزة دراجون الذي يعمل دي جي والعائل الوحيد لابنه بعد وفاة زوجته، يفاجئ بمرض ابنه بالسرطان وعليه أن يدبر مبلغ مالي كبير لإجراء عملية جراحية تنقذ حياة ابنه، فالفكرة الواقعية شديدة الإنسانية التي اعتمد عليها السيناريست مدحت العدل أضرها التعامل مع القضية بسطحية شديدة  دون التعمق في التفاصيل وهو ما جعل أغلب المشاهد تخرج بشكل ضعيف أو مشاهد تتسم بالمبالغة في كثير من الأحيان.

فالبطل حمزة دراجون يقابل الممرضة مريم والتي تجسدها نيللي كريم وبعد أيام من لقاءهما تقرر مريم بشكل مفاجئ الزواج برجل يكبرها في العمر مقابل مبلغ مالي كبير لإنقاذ ابن البطل في مشهد يتسم بالمبالغة الشديدة خاصة وأن لقاءهما لم يتجاوز أيام قليلة، ثم بعدها أيضا تعرض نفسها للخطر بسرقة مبلغ مالي كبير من المستشفى الذي تعمل به.

ويصبح دراجون وابنه محور العمل بشكل مبالغ أيضا عندما تقرر صاحبة البنسيون الذي يعيش فيه (جومانة مراد) أن تهتم بشئونهما ولا تركز في حياتها، وهى تضحيات غير منطقية من شخصيات تعرفت على “دراجون” وطفله الصغير في فترة زمنية بسيطة.
أيضا لم يتعمق السيناريو في مشاهد مرض الطفل الصغير والذي كان عاديا أغلب الوقت دون أى مشكلات سوى مشهد وحيد ساذج يرفض الأب خلاله أن لعبه بالكرة حتى لا يبذل أى مجهود.

الحلول المتوقعة

لجوء السيناريست مدحت العدل أيضا إلى الحلول القدرية المتوقعة أضر كثيرا بالفيلم، فالأحداث متوقعة، خاصة النهاية السعيدة والتي وضعت حلولا لكل الأزمات بداية من شفاء الطفل الصغير فجأة، وارتباط البطل بالممرضة التي أحبته، والمكسب السريع الذي حصل عليه البطل بسبب حصوله على مشاهدات كبيرة من أغنية طرحها صديقه عبر الانترنت كلها حلول قدرية جعلت النهاية سعيدة ومتوقعة ولا تناسب واقعية الفيلم.

 

هل ظلم الفيلم نيللي كريم؟
البناء الدرامي المفكك للشخصيات أيضا لم يكن لصالح بطلة الفيلم نيللي كريم والتي جاء دورها محدودا وباهتا وهو ما أثر على أداءها التمثيلي والذي جاء ضعيفا في أغلب المشاهد، خاصة تلك المشاهد التي جمعتها ببطل الفيلم محمد رمضان والذي بدا يصغرها بسنوات طويلة وهو ما قلل من مصداقية الحب الذي نشأ بينهما بشكل مفاجئ خلال الأحداث وبعد أيام قليلة من لقاءهما، فظهرت نيللي وكأنها تؤدي وظيفة نمطية بمشاركتها في الفيلم الذي تنتجه شركة العدل جروب التي تتعاون معها نيللي في أغلب أعمالها الدرامية في السنوات الماضية.

 

عناصر جيدة

لكن على العكس فقد نجح مخرج الفيلم ماندو العدل (محمد العدل) في تقديم محمد رمضان بشكل مختلف، فاعتمد على المشاهد التمثيلية أكثر من مشاهد الأكشن والضرب والتي تم تقديمها بشكل أقل وبشكل موظف من خلال مطارادات للبطل أثناء سعيه للحصول على المال لإنقاذ ابنه، مثل مشاهده مع تاجر المخدرات الذي حاول رمضان النصب عليه للحصول على مبلغ مالي كبير،  كما استغل العدل أيضا  امكانيات رمضان الغنائية أيضا ووظفها بشكل جيد في الفيلم وجاءت الأغنيات معبرة عن البطل سواء في البداية فهو يعمل دي جي في المناسبات، ثم الأغنية الرئيسية “ع الزيرو” والتي يلخص خلالها البطل فكرة الفيلم وقيامه بحلق شعره بالكامل لتشجيع طفله الصغير على أن يهزم المرض وتباعاته.

وتعتبر الكيمياء الفنية بين رمضان والطفل منذر مهران الذي قدم دور الابن من الأمور الجيدة في الفيلم، على الرغم من التعامل مع مرض الطفل بسطحية شديدة ودون أى مشاهد تعبر عن الألم أو المتاعب التي يتعرض لها خلال رحلة مرضه فهو يعيش بشكل اعتيادي وإن كانت موسيقى خالد الكمار  ساهمت في زيادة تأثير اللحظات الدرامية على المتفرج.

توظيف الفنان شريف الدسوقي في شخصية سمسار الأعضاء البشرية جاء موفقا إلى حد كبير وظهوره وهو يقف على قدميه في بعض المشاهد من الأمور الإيجابية أيضا بعد ظهوره قعيدا في بعض الأعمال التي شارك بها بعد عملية بتر قدميه قبل سنوات.

الفكرة الجادة للفيلم والمشاهد القاسية نجح في كسرها الفنان إسلام إبراهيم بظهوره الكوميدي والذي خفف من قسوة الواقع الذي يعيش فيه أبطال الفيلم، إلى جانب مشاهده مع جومانة مراد التي نجحت في التحول في الشخصية التي تقدمها فهى المرأة التي تقدم محتوى على التيك توك تقوم خلاله بتقليد سعاد حسني وملابسها وأكسسوارتها إلى حد الهوس، والمشاهد الإنسانية التي تجمعها بالبطل وابنه ومحاولتها في مساعدتهما.

يحسب لمحمد العدل (ماندو العدل) أيضا اختيار أماكن التصوير والتي جاءت ملائمة للمشاهد الدرامية وتعبر عن الواقع المرير الذي يعيشه الفقراء، خاصة مشاهد المستشفى الحكومية، كما نجح المونتاج أيضا في جعل ايقاع الفيلم مناسبا دون أى اسهاب أو تطويل يشعر المتفرج بالملل.

يمكن اعتبار فيلم “ع الزيرو” خطوة جديدة لمحمد رمضان في تغيير جلده وتقديم موهبته بشكل مختلف، مع استغلال نجاحه جماهيريا بمسلسله الأخير “جعفر العمدة” لكن لم يساعده على إحداث قفزة لإعادته مجددا لنجاحاته السينمائية والتي شهدها في بداياته ليظل محبوسا في حالة التعثر السينمائية التي يشهدها خلال السنوات الماضية.

 

قد يعجبك ايضا