شركات ناشئة تُصنّع “البروتينات” من دون استخدام ‏الحيوانات

23 اكتوبر 2023
“نص خبر”- رصد

 

تسعى شركات ناشئة إلى إنتاج بروتينات حليب أو بيض من ‏دون استخدام الحيوانات، عبر عملية تخمير موجّهة يتوصّلون ‏من خلالها إلى منتج يحافظ على ملمس وطعم الأجبان أو ‏البيض، لكن من دون البصمة الكربونية الخاصة بتربية ‏المواشي.‏

داخل مختبرات “ستانديغ أوفايشن” في باريس، يبدأ تصنيع ‏المنتج داخل غرفة مظلمة، إذ ينبغي إدخال إلى كائنات دقيقة ‏‏(خميرة وفطريات وبكتيريا) جينات بقرة قادرة على إنتاج ‏الكازيين، وهو البروتين الرئيسي الموجود في الحليب.‏

ثم “تنمو” كائنات دقيقة داخل قوارير قبل نقلها إلى أجهزة ‏تخمير حيث تتكاثر عند خلطها بالماء والملح والنيتروجين ‏والسكر. ومن قارورة بسعة 30 ملليلتراً، يمكن للشركة إنتاج ‏لتر واحد خلال 24 ساعة.‏

ثم يخضع المنتج لعملية ترشيح ثم فصل للجزيئات بحسب ‏كثافتها ثم تجريده من الكائنات الدقيقة المعدّلة وراثياً، حتى ‏يصبح عبارة عن مسحوق أبيض تعتزم الشركة الناشئة توفيره ‏للمصنّعين داخل أكياس تزن 25 كيلوغراماً. وتتولّى هذه ‏المصانع تحويله إلى ما يعادل جبن الكممبير أو الكروتين أو ‏الجبنة القابلة للدهن أو الآيس كريم.‏

وتكون هذه المنتجات مشابهة لنظيراتها من أصل حيواني أكثر ‏من البدائل النباتية المصنوعة من زيت جوز الهند أو الكاجو ‏مثلاً، على ما يؤكد المؤسس المشارك لـ”ستانديغ أوفايشن” ‏رومان شايو.‏

ويقول “في النهاية، يكون البروتين المُنتج نفسه كالذي توفره ‏البقرة”.‏

إلا أنّ هذا المُنتج ليس حلاً معجزة بالنسبة إلى مَن يعانون ‏حساسية من بروتينات الحليب، لكنه قد يكون جيداً لأولئك ‏الذين لديهم حساسية على اللاكتوز، وهو السكر الموجود في ‏الحليب.‏

ويمكن لـ”ستانديغ أوفايشن” أن تستند أيضاً إلى الحمض ‏النووي الخاص بالماعز أو الخواريف أو الجواميس أو حتى ‏الحيتان.‏

انبعاثات أقل
يُعدّ التخمير الذي يُستخدم في تحويل القمح إلى خبز مثلاً، ‏طريقة مُثبتة منذ قرون في مجال تصنيع الأغذية.‏

لكن تمت في الآونة الأخيرة إضافة تقنيات تتيح تدريب كائنات ‏دقيقة على إنتاج بروتينات أو انزيمات معينة.‏

وتشمل الاستخدامات الرئيسية لذلك إعادة إنتاج بروتينات ‏الحليب (الكازيين ومصل اللبن)، أو البيض، أو مواد مثل ‏الهيم الذي يستخدمه مصنعو البرغر النباتي لجعل منتجاتهم ‏مشابهة للحوم الحمراء.‏

وعلى عكس اللحوم المُصنّعة من زرع الخلايا، لا تُستخدم ‏الخلايا الحيوانية في عملية التخمير الموجّهة.‏

وانطلق القطاع عام 2020، مستقطباً استثمارات بقيمة 938 ‏مليون دولار في العام 2021 و382 مليون دولار سنة ‏‏2022، بحسب “غود فود انستيتيوت” التي تشكل منظمة ‏أميركية تروّج لبدائل اللحوم.‏

وأعلنت شركة “بون فيفان” الناشئة في ليون والتي تنتج أيضاً ‏بروتينات من الحليب، أنها جمعت 15 مليون يورو إضافية ‏لتستخدمها في تطوير أعمالها.‏

ودخل عدد من الشركات الأخرى هذا المجال في بلدان مختلفة ‏كما في الولايات المتحدة (بيرفكت داي وإيفري) وألمانيا ‏‏(فورمو) وإسرائيل (ري ميلك). وأشارت “غود فود ‏انستيتيوت” إلى وجود 62 شركة مماثلة بمختلف أنحاء العالم ‏في نهاية 2020.‏

وتُباع في الولايات المتحدة منذ العام 2020 منتجات من ‏البوظة مصنوعة من بروتين مصل اللبن تنتجها شركة ‏‏”برفكت داي”.‏

وتأمل “ستانديغ أوفايشن” أن تتمكّن من طرح منتجها في ‏الأسواق الأميركية اعتباراً من عام 2024، بحسب رومان ‏شايو.‏

وتُعد إجراءات الحصول على ترخيص لـ”الأطعمة الجديدة” ‏في دول الاتحاد الأوروبي أطول منها في الولايات المتحدة. ‏وتسعى “ستانديغ أوفايشن” للحصول على ترخيص بين 2025 ‏و 2026.‏

وتستخدم الشركة الناشئة راهناً جهاز تخمير هو عبارة عن ‏خزان فولاذي تبلغ سعته 10 أمتار مكعبة، لكنها تطمح ‏للانتقال على المدى البعيد إلى جهاز بسعة 200 متر مكعب. ‏وتأمل أن تُطرح المنتجات المصنّعة من مسحوقها بنفس سعر ‏نظيراتها الحيوانية.‏

وتُشجّع الجهات المُصنّعة هذه الابتكارات.‏

وعقدت “ستانديغ أوفايشن” شراكة عام 2022 مع شركة “بيل” ‏المصنعة لمنتجات “كيري” وبورسان” والتي بدأت تطرح في ‏الأسواق منتجات جبنة نباتية.‏

وتجري كل من “نستله” و”يونيليفر” تجاربهما الخاصة في هذا ‏المجال.‏

وتشير ستيلا تشايلد التي تعمل لدى “غود فود إنستيتيوت” ‏لتعزيز الأبحاث في هذا المجال بأوروبا، إلى أن المنتجات ‏الناتجة من التخمير الموجّه “تتسبب بانبعاثات أقل مما ينجم ‏عن تربية المواشي”، التي يُعزى لها باستمرار تسببها بانبعاث ‏غاز الميثان الناتج عن تجشؤ الحيوانات، كما أنها “تستخدم ‏كميات أقل من المياه”.‏

وتقول “على الحكومات مساعدة قطاع التخمير على التوسّع ‏كما ساعدت في تطوير الطاقات المتجددة”، وذلك لدعم ‏الصناعات الغذائية الأكثر استدامة.‏

قد يعجبك ايضا