جود سعيد في حوار خاص لـ”نص خبر”:أفلامي تدعو إلى الصمود في سوريا وأتمنى لو أنني لم أصنع أي فيلم عن الحرب

17 نوفمبر 2023
إيمان علي- نص خبر

جوائز متعددة ومشاركات على مستوى عربي وعالمي للفيلم السوري “رحلة يوسف –المنسيون” للمخرج جود سعيد الذي تم تكريمه مؤخرا من مهرجان الأفلام العربية في بروكسل لأفلام الجنوب، بعد حصول الفيلم على ذهبيتين من مهرجاني تارنتو وسالينتو في إيطاليا، إلى جانب الاستعداد للمشاركة في أكثر من مهرجان في الفترة المقبلة.
ليكلل بذلك تجربة الفيلم الذي حرص مخرجه على الابتعاد عن الصورة النمطية للأفلام التي قدمت الحرب السورية، فالفيلم هو رحلة توثيق ببعد إنساني من خلال عائلة يوسف التي تعيش حيرة البقاء في الوطن أو الخروج خوفا من ويلات الحرب، والفيلم من بطولة أيمن زيدان وربى الحلبي وسامر عمران ووائل أبو غزالة.
وفي الحوار التالي لـ”نص خبر”  يتحدث مخرج الفيلم جود سعيد عن الجوائز والمشاركات العالمية كما يتحدث أيضا عن تفاصيل وكواليس الفيلم، وعن عمله المقبل .

من العرض الأول في مهرجان القاهرة في دورته الماضية ال44 للانطلاق والمشاركة في العديد من الفعاليات والمهرجانات عربية وعالمية وحصد الفيلم للكثير من الجوائز، آخرها مهرجان ..في إيطاليا، حدثنا عن مشاركات فيلم “رحلة يوسف ..المنسيون” والجوائز التي حصل عليها؟

حقيقة الأمر البداية العظيمة للفيلم كانت من خلال المشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي مع الجمهور المصري وأذكر رد فعل الجمهور والتي ملأت قلبي حبا هذا هو التعبير الدقيق والصحيح، وبعد المهرجان شارك “رحلة يوسف” في مهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية، وحصل على جائزة السيناريو من مهرجان كازابلانكا للفيلم العربي، وشارك أيضا في مهرجان روتردام للفيلم العربي، وحصل أيضا على الذهبية كأفضل فيلم من مهرجان سالينتو الإيطالي وهو متخصص بسينما المؤلف، و الجائزة الذهبية من مهرجان تارانتو السينمائي في ايطاليا بنسخته الثامنة، كما عرض أيضا في مهرجان بروكسل للفيلم العربي وخلال الفترة المقبلة سيشارك في مهرجان الفاميك في فرنسا، ومهرجان برشلونة لأفلام حقوق الإنسان.

تم تكريمك مؤخرا في الدورة ال12 لمهرجان السينما العربية في بروكسلظن ماذا يمثل لك هذا التكريم؟

تكريمي من بروكسل للسينما العربية هو عبئ حقيقي يضاف على فعادة ما يكرم المخرجين في نهاية مشوارهم، أو بعد إنجازات كبيرة، ولذلك أشكر المهرجان على هذا التكريم فهو يحملني عبئا، فاليوم مطالبا بأن أتجاوز نفسي في أفلامي القادمة وهذا أصعب ما يقبل عليه الفنان.
ويمسني هذا التكريم لأنه بعد سنوات من انقطاعي عن أوروبا فنجد أن هناك أشخاص يستطيعوا أن يقاربوا الفن بعيدا عن أى اعتبارات أخرى، وأن يقاربوا المنتج الفني بعيدا أيضا عن أى اعتبارات وهنا أفرح لأنني صادق دائما في منجزي ولا أصنعه بناء على اعتبارات ولكن فقط بناء على قناعتي وإذا كانت قناعتي تدينيني فهذا شرف لي.

“رحلة يوسف” هو رحلة سينمائية بدأت من 2019 بالتأكيد خلال هذه السنوات مررت بالصعوبات والعقبات التي واجهتك وكانت سببا في تعطيل التصوير فما أبرز تلك التحديات والعقبات؟
العقبات تشكلت بسبب انتشار كورونا والحجر ، وهو ما عطل التصوير الذي توقف أكثر من مرة، وهذه التوقيفات منعتنا من تصوير الفترة المثلجة في الفيلم مما أدى لانتظار عام كامل وحتى 2021 لتصوير تلك المقاطعظن ما تسبب في تأخر الفيلم ومن ثم العمليات الفنية التي تأخذ وقتا في المونتاج والمكساج والعمل على الصوت أيضا.
فالفيلم كان قد بدأ يكون جاهزا مع مطلع 2022 ومن هنا تم الاتفاق مع مهرجان القاهرة وتم ابقاءه حتى موعد المهرجان ومن ثم انطلق للعديد من المهرجانات.

الحرب السورية ومن ثم تأثيرها على الإنسان هى هوية واضحة لأغلب أعمالك السينمائية وليس “رحلة يوسف فقط” فهل ذلك مقصودا؟
أتمنى لو أنني لم أصنع أى فيلم عن الحرب، ولو لم تكن من الأساس ولكن هذا الواقع وستبقى هذه الأفلام التي صنعت كشاهد يقدم جواب نظري لما حدث وبوجهة نظر صادقة، ومن الطبيعي أن يكون هناك أصوات متناقضة ولكن هذا لا يلغي أحقية أى منها في الوجود، وهذا كان دائما مطلبنا بألا يتم إلغاء أى صوت فهذا ظلم ومن ناحية أخرى فيه عنف وممارسة العنف الثقافي وهو من اسوأ أنواع العنف بهذه الحرب.

اللغة الإنسانية أصبحت هى لسان حال المخرجين في الكثير من الأعمال التي ترصد ويلات الحرب، فهل تتفق معي بأن التوجه للسينما الإنسانية يفيد أكثر لنقل ما تمر به سوريا أم أن الأفضل هو التوثيق بشكل مباشر؟

لم أفكر يوما بمصطلح “وجهة النظر الانسانية” أقدم ما أعتقد به ، وما أصدق و ما يمسني وأعتقد أن ما يمسني صدقا يستطيع أن يمس الآخرين، وبالتالي أحب أن أقدم الموضوعات التي تغريني شكلا ومضمونا بطريقتي، وحين تقدم للجمهور اما أن يتقبلها أو لا، فالمشاهد في النهاية هو آخر من يصنع الفيلم بمواقفه وقناعته وثقافته فلنترك الزمن يحكم على هذه التجربة.

البقاء في الوطن أو النزوح لأجل البقاء على قيد الحياة و النجاة من الحرب هو ما يشغل شخصيات الفيلم، فهل نعتبره دعوة للبقاء وتعمير الوطن رغم الحرب؟
دائما أدعو في أفلامي إلى البقاء في هذه الأرض، فنحن مدينون لها ولها علينا حق أن نعمرها حبا وسلاما لا حرب،ومن الحرب أيا كانت مسبباتها وأيا كانت الدوافع التي جرت إليها أحب أن أصنع الحب في أفلامي.

هناك ربط شاعري ملحوظ بين “رحلة يوسف” وكأنه رمزية للنبي يوسف عليه السلام فما تعليقك على ذلك؟
لا يوجد أى رابط ديني بين الفيلم مع النبي يوسف، ولكن إن أراد البعض أن يقرأ الفيلم بأن يوسف الموجود فيه تركه أخوته فلم لا؟ وإذا قرأ آخرون الفيلم بأن يوسف في الفيلم رمى في بئر المخيم أيضا فلم لا؟ أو أنه ناضل ليقول أنه بسيط وصادق لم يرتكب خطأ فلما لا؟

ما يقرب من 10 أعمال هى رصيدك السينمائي فما الذي تغير في سينما جو سعيد خلال هذه السنوات وهل تشعر بالرضى عما قدمته؟
الذي تغير هو التكنيك بمعنى أنني صرت أنضج على صعيد الصنعة، لكن لم يتغير ما اؤمن به فهو حقيقة ، وتغيرت نظرتي إلى علاقة المادة المقدمة مع الجمهور وبأن أتقرب أكثر مع الناس دون أن أخسر تعلقي بالبنية السينمائية التي أحب.
ولا أشعر بالرضا لأنني أعتقد بأن الرضا هو نوع من الركون إلى النهاية أو إلى الموت فعدم شعورنا بالرضا هو رغبة بالحياة وصنع ما نعتبره جديدا أو ما نعتبره يقدمنا بشكل جيد.

تنتمي لسينما المخرج المؤلف، هل هذا سبب حرصك على كتابة سيناريوهات أفلامك ؟
بالنسبة لي السينما مشروع شخصي بلبوس جماعي، بمعنى هي كتابة مفردة بأدوات عدة (السينما الفنية – سينما المؤلف) لذلك أكون الكاتب الأخير لنسخة السيناريو التي تصوّر وأكتب الكادر بعين مدير التصوير وأركب الفيلم بيدي الموّلف الخ. سيناريوهات أفلامي كلها أفكار أصيلة لي ، باستثناء “صديقي الأخير” و”مطر حمص” مستوحيان من قصتين لاياس محسن حسن وسهى مصطفى وضعت لهما السيناريو أيضا، ودائما ما أكتب نسخ التصوير كلها بلغتي،وكانت شراكاتي المتعددة مع كتاب كثر مغنية للتجربة لا بل أقولها أضافت هذه الشراكات روحاً وعلمتني العديد من الأشياء. حتى اليوم لم أصنع فيلماً تحارياً أو فيلم نوع أي لم يقدم لي سيناريو ومنتج لانجز لهم فيلماً أكون فيه المخرج التقني، في السينما كنت دوماً المخرج المؤلف وأظن أني سأبقى.

في السنوات الأخيرة هناك حضور واضح للسينما السورية في الفعاليات العالمية المختلفة فهل تتفق بأن السينما السورية بدأت تستعيد عافيتها أم أنه هناك أثراعلى الكم السينمائي بسبب الحرب؟
السينما السورية دائما عبر تاريخها هى سينما مبادرات فردية أى سينما مخرجين ولم تكن سينما صناعة، ولذلك فهى تعلو وتنخفض حضورا بقدرة هؤلاء المخرجين على أن يستطيعوا استقطاب تمويل ما سواء كان حكوميا أو غيره، فالسينما السورية ودون أن يكون هناك أى شكل من أشكال الترويج الداخلي أولا والخارجي ثانيا عبر الصالات هى سينما مخرجين.

لديك فيلم جديد “سلمى” تقوم بتصويره مع سلاف فواخرجي وباسم ياخور حدثنا عنه وهل هناك علاقة بين الفيلم والحرب السورية أيضا؟
هو تجربة جديدة تماما بعيدا عن الحرب تتناول الحاضر السوري، فأحداثه تدور في العام 2024 بعد تجربة الزلزال التي مرت على بلدنا، و يتناول بشكل ما حال المرأة في سوريا وكذلك بنية المجتمع الذي نتج عن هذه الحرب وعلاقة المرأة السورية بهذا المجتمع عبر بيئة ساحلية لها خصوصيتها، والفيلم أحداثه تدور بين الكوميديا والتراجيدية، ولذلك يمكن أن أطلق عليه بأنه كوميديا سوداء أو العبث الأسود.
فسلمى قصة امرأة ترغب في أن تحيا وأن يكون لها مكانة في هذا المجتمع تحقق من خلالها وجودها وكيونية كى لا تسحق عبر بفعل آلة المال والسلطة.

قد يعجبك ايضا