28 نوفمبر 2023
“نص خبر”-متابعة
“هل انهزم إيلون ماسك في حضرة الحرب الشرسة التي شنها الكيان الإسرائيلي على منصته إكس؟”، سؤال برز في افتتاحيات المواقع الاعلامية العربية بعد يوم على زيارته الكيان حيث قوبل باستقبال لافت وحفاوة من قبل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، وباستهجان من قبل المستوطنين الذين رأوا أنه بوجهين معتبرين أنه “معاد للسامية”، ولاسيما أنه صرح في السابق بأن ما تقوم به إسرائيل في غزة “إبادة جماعية”.
وبحسب الأجواء المتابعة لزيارته، يبدو أن ماسك رضخ للضغط الذي مارسته عليه شركات الاعلان والتكنولوجيا العالمية، ليدخل في نقاشات مستجدة عن الدعم الذي يمكن أن يقدمه للكيان خلال وعقب الحرب على غزة.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية الى أن زيارة الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة “إكس”، إلى إسرائيل خلال حربها على قطاع غزة، تأتي في سياق تصالح والتقاء مصالح مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ووجهت وسائل الإعلام الإسرائيلية انتقادات شديدة اللهجة إلى حفاوة الاستقبال الذي حظي به ماسك وجولته مع نتنياهو أمس الاثنين في مستوطنات “غلاف غزة”، وسط الاتهامات الموجهة له بـ”معادة السامية” وتضخيم الكراهية المعادية لليهود على منصة إكس مقابل السماح بتغريدات التضامن مع غزة خلال الحرب والانحياز للفلسطينيين.
وقدرت تحليلات الإسرائيليين أن ماسك من خلال جولته مع نتنياهو في بعض مستوطنات “غلاف غزة” يهدف إلى فتح صفحة جديدة مع إسرائيل والجاليات اليهودية، واستعداده لتقديم الدعم لإسرائيل والاستثمار بها بعد الحرب على غزة.
والتقى ماسك أيضا بالرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ ووفد عن عائلات الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ورأى محللون إسرائيليون أن ماسك يهدف من هذه اللقاءات للتخلص من تداعيات تغريدة له وصفت ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بـ”إبادة جماعية”، وتدارك المقاطعة التي فرضتها كبرى الشركات العالمية على منصته، حيث امتنعت عن نشر إعلاناتها على المنصة بعد اتهامه بـ”معاداة السامية”.
ووجه الصحافي في “هآرتس” سياغي كوهين انتقادات شديدة اللهجة لنتنياهو، واتهمه بأن يقوم بتبيض صفحة ماسك الذي “حرض” على اليهود وانتقد العلميات العسكرية الإسرائيلية في غزة ويسمح باستمرار معادة السامية على منصة إكس.
وأوضح أن الاجتماعات مع المسؤولين الإسرائيليين، في وقت تعارض فيه الجاليات اليهودية بأميركا وحول العالم نهج وسياسة ماسك، تمنحه الشرعية، وكل ذلك مقابل مصالح تجارية واستثمارية يطمح لها نتنياهو في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في إسرائيل بسبب الحرب على غزة.
وكان من المتوقع أن تكون إسرائيل في طليعة الصراع ضد ماسك وشركاته، والضغط عليه لشطب كل المحتوى المعادي للسامية واليهود لإسرائيل على منصة إكس، لكن “في إسرائيل على وجه التحديد، يتم استقبال ماسك بشرف الملوك”، حسب تعبير كوهين.
اتفاق أولي
ورأى أن اجتماعات كبار القادة السياسيين مع ماسك تعكس طمعهم في استثماراته المستقبلية بإسرائيل وإنقاذ اقتصادها، مشيرا إلى أن مثل هذه الاستثمارات المتوقعة قد تحفز على تسريع إنهاء القتال.
وفي محاولة من ماسك ونتنياهو طي صفحة الماضي، أعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي عن اتفاق مبدئي مع ماسك، يقضي بعدم تشغيل الإنترنت الفضائي في البلاد وقطاع غزة إلا بموافقة الحكومة الإسرائيلية.
ويعتقد كوهين أن ماسك يريد أن يظهر لأميركا وللجاليات اليهودية حول العالم أن إسرائيل تستقبله بحفاوة، كما أن هدفه الأهم هو إزالة مقاطعة المعلنين التي تسبب أضرارا مالية هائلة لشركته.
يعزز هذا الطرح ما استعرضه محرر صحيفة “ماركر” الاقتصادية حجاي عميت، الذي أكد أن الملياردير الأميركي أتى إلى إسرائيل خلال الحرب من أجل القيام بأعمال وصفقات تجارية، ولعل أولها إلغاء المقاطعة لمنصة إكس، التي تخسر بسبب مقاطعة المعلنين إيرادات بعشرات الملايين من الدولارات شهريا.
من الناحية العملية، يقول عميت إن “ماسك زار إسرائيل للقيام بأعمال تجارية وقد تكون استثمارات مستقبلية، ولا يخدع أحد نفسه بأنه التقى نتنياهو للمساعدة في تحرير الرهائن الإسرائيليين، بل إنه لقاء المصالح بتبيض صفحة ماسك أمام الجاليات اليهودية، والتعويل الإسرائيلي على أن تدفع هذه الزيارة بإجراءات من شأنها كبح التحريض في إكس ضد إسرائيل إلى حد ما”.
بدورها، تعتقد الباحثة في مجال الاتصال الرقمي عنات بن ديفيد أن القيادة السياسية في إسرائيل اختارت الانحناء أمام ماسك والخضوع إلى سيناريوهات استثمارات الملياردير الأميركي في الاقتصاد الإسرائيلي بعد الحرب على غزة.