“نص خبر”- كمال طنوس
غويو goyo فيلم أرجنتيني درامي اجتماعي انطلق عرضه على منصة نتفليكس قبل أيام.
تكمن جاذبيته بالقصة التي يعالجها حول مريض التوحد العبقري الذي يعيش حياة مرتبة ومدروسة تناسب وضعه الصحي، وتنقلب رأساً على عقب عندما يتعرف على ضابطة أمن تكبره سناً ويقع في حبها.
الأداء الرائع الذي قدمه نيكولاس فورتادو “غويو” الذي يعاني من التوحد يعطينا نظرة ثاقبة للتحديات التي تواجه العيش في مثل هذا الوجود المعقد. يعمل Goyo كمرشد في المتحف، فهو العبقري الذي يعرف بشؤون الفن وتاريخه ويحفظ اللوحات جميعها وملم بكل أنواع الفنون لحد الدهشة. فهو يحمل دكتوراه في علم الفنون.
الحب يفعل المعجزات
يتنقل المُشاهد مع غويو بكل حساسية وترقب، في يوميات البيت والعمل.
أي موقف حساس ورقيق، تشعر أنه على شفير الانهيار. لكن الأمور تمر بسلاسة طالما أن الإيقاع والروتين الخاص بغويو لا يتغير. فهو يحسب كل شيء عدد درجات السلم وخطواته ومواقيته ومعرفته تبدو بدائية بالحياة وتقلباتها.
غويو الشاب المرهف والملهم بالفن، ذو اللغة الجسدية الغريبة، يصادف سيدة على الطريق تنخلع مظلتها وتتبلل فتتراءى أمامه صور ملهمة لسيدة ينفطر قلبه لها ويقع في عشقها.
ترده إلى الرسم بعد أن هجره لسنوات بعد أخر حب له لفتاة تعمل كعالمة حشرات. يبدأ يرسمها من الذاكرة تجعله في حالة عشق وهيام وهو لا يدرك معنى وأساس هذا الشعور الذي ينتابه وكيف يتصرف معه.
العائلة قد تكون دعماً وقد تكون هدماً
سنجد في الفيلم قصة العائلة التي تحوي مثل هذه الحالة. فالأخت “ساولا” عازفة البيانو الشهيرة شديدة الخوف عليه وتحب أن تقمعه وتربطه في إطار ضيق وتمنعه من كسر روتين حياته خوفاً عليه. اما شقيقه “ماتوتي” فهو أكثر انفتاحاً وتفهماً ويعلمه كل شيء أصول الحب والتحدث والجنس وكيفية إقامة أحاديث والتخلص من المشاكل في حال مواجهتها. بالإضافة إلى ذلك يعرض الفيلم حيثيات أخرى معقدة في حياة غويو العائلية وعلاقته بوالده المتوفي وأمه التي هجرته.
الفيلم يفتح الباب واسعاً على المصاب بهذه المتلازمة وهذه أهميته. فحياة غويو تبدو سهلة طالما هي تقع في نفس النسق والايقاع والترتيب وأي تغيير سيكون كارثي. كمَشاهد ملاحقته لضابطة الأمن”إيفا” إلى المترو بهدف التعرف عليها وهناك تحصل له العديد من المشاكل أو عندما صدته وراح يركض في الشوارع على غير هدى وأصيب وكاد الموت يداهمه.
اجمل ما في الفيلم محاولة غويو كسر الروتين. وكيف الحب يفعل المعجزات ويعطي القدرة على تخطي الصعاب والخوف. الحب يفتح باب المعرفة من خلال السليقة. فهذا الحب النظيف البريء الكاسح والمغامر هو خلفية الفيلم وجماله.
حوارات الصدق
الدرس الأعمق في الفيلم هو ذاك الحوار بين إيفا المرأة التي يحبها غويو وصديقتها وهي تقول لها :” “هل سبق لك أن واعدت رجلاً لا يستطيع الكذب؟ من يتكلم بعقله. من هو المهذب، الذكي بشكل لا يصدق، غير القادر على إيذائك، وفوق كل ذلك، وسيم؟” وجاء الرد الأول هو: “لم يحدث ذلك في حياتي”. إنها واحدة من تلك التبادلات القصيرة التي تلخص الخير المطلق للفيلم.
إيفا التي تعيش مواقف صعبة في حياتها العائلية مع زوجها المهمل وأبنها الطائش وطفلها الأخر الذي لا تعرف أين ستتركه أثناء العمل. وتدرك التأثير الإيجابي عندما ترى واحدًا مثل غويو يعاني من متلازمة التوحد “أسبرجر” لكنه انسان رقيق وصادق إلى أبعد الحدود.
الخلاصة الملهمة
خلاصة الفيلم إن الحب يأتي من حيث لا نعرف ويمكن أن يعوض عن كل الأذى الذي قد نعانيه في حياة صعبة ومتقشفة وظالمة ومن ثم يأتي من يعوض لنا عن هذا الألم بطرق غير متوقعة زمن شخص لا ندركه حتى في أحلامنا.
التعاطف والتفاهم والحساسية هي حجر الأساس الذي تقوم عليه رواية هذا الفيلم . إن وضع المرء نفسه في مكان أولئك الذين قد يكونون مختلفين، ودعمهم خلال تجاربهم وتشجيعهم ساعة انتصارهم هي الرسالة التي يقدمها الفيلم.
فريق العمل:
المخرج – ماركوس كارنيفال.
بطولة: نيكولاس فورتادو، نانسي دوبلا، سوليداد فيلاميل، بابلو راجو