Hijack من دبي إلى لندن .. تَعْمِيَةٌ مزدوجةٌ بين مَنْ في الأرض والسّماء

22 أغسطس 2023

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أمامة أحمد عكوش – نص خبر

 قبل لحظاتٍ قليلةٍ من تحليق طائرةٍ تجاريةٍ بريطانيةٍ من دبي إلى لندن، إحدى الموظّفات المسؤولات عن أحد بوابات تفتيش الحقائب، يأتيها اتصالٌ يضطرُّها إلى المغادرة على عجل، وتَرْكِ بوابتها دون مراقبة، ها هي الحقيبة التي ستُغيِّرُ حال ركّاب الطّائرة تمرّ، الركّاب الذين يحملون جنسيات عديدة، ويتحدّثون أكثر من لغة، على رأسها (الانكليزية والعربية)، في طريقهم إلى كارثة تلوح في الأفق – هذا لسان حال كلّ من شاهد الحلقة الأولى من العمل.

نتحدّث هنا عن مسلسلةٍ قصيرةٍ “Hijack” اختطاف طائرة، قوامها التّشويقُ والإثارة والغموض، وهي أحدث إصدارات Apple TV+، تأليف جورج كاي، وإخراج جيم فيلد سميث ومو علي، والمنتج التّنفيذي هو ذاته بطل العمل إدريس إلبا بدور سام نيلسون “مفاوض أعمال لكبرى الشّركات التّجارية”، شاركه البطولة (كريستين آدامز بدور مارشا أستاذة الفيزياء “المنفصلة عن سام” – ماكس بيسلي بدور دانيال “صديق مارشا” – آرشي بنجابي بدور ضابط مكافحة الإرهاب “صديقة دانيال السّابقة” – بين مايلز بدور روبن “كابتن طيارة المملكة 29” – نيل ماسكيل بدور ستيورات/جيرالد “زعيم الخاطفين” – إيفلين مايلز بدور أليس “مراقبة حركة جوية”)؛ بدأت أولى الحلقات في 28 حزيران/يونيو 2023، وآخرها مطلع آب/أغسطس الجاري.

الزّمن!..

Hijack.. تجربة درامية بريطانية مِنْ 7 حلقات، مدّة الواحدة حوالي 40 دقيقة، ممّا يعني أنّ الّتوظيف الّزمني، يطابق ساعات وصول الطّائرة من دبي إلى لندن “تجسيد الوقت الحقيقي الذي تدور فيه الأحداث يتبع المعالجة الدّرامية للزّمن الحقيقي لما يحصل على الشّاشة”، وهذا الاختلاف لا نلحظه في جلّ المعالجات التّلفزيونية والسّينمائية الأمريكية، التي يتمّ اختصار الزّمن فيها لتغطية أكبر قدر من الأحداث، واعتمد صنّاع العمل هذا التّطابق لـ “رفع مستوى التّشويق والإثارة من جهة، وللتّفرد في ذلك من أخرى” حسب قولهم.

تفاصيل

أقلعت الطّائرة.. عشرات الركّاب على متنها، ومن بينهم سام، العائد إلى العاصمة الإنكليزية – عاصمة بلده – آملاً بإنقاذ زواجه، يلاحظ سام ما لا يلاحظه غيره في الطّائرة، ويهتمّ بالتّفاصيل كما لا يفعل سواه، لا بل.. يهتمّ بتفاصيل التّفاصيل، فـ ها هو ينتبه إلى أنّ أحد الركّاب يأتي من جناح المسافرين العاديين إلى جناح “كبار الشّخصيات VIP” ليتحدّث مع أحدهم بريبة، ويخبره أنّ فتاة وجدت رصاصة في حمّام الطّائرة، ليردّ عليه الآخر بأنّ هذا يعني أنّ عليهم أن يسرّعوا بتنفيذ المهمّة، وأنّ عليه إبلاغ شركائهما بذلك، ليكون ذلك فعلاً.. وليُظهِر بعد أقلّ من ساعة على إقلاع الطّائرة 5 ركّاب حقيقتهم كـ “خاطفين للطّائرة”، ويجبرون الركّاب على تسليم هواتفهم المحمولة، والطّيار على فتح باب قمرة القيادة – بعد تهديده بقتل خليلته “إحدى المضيفات” – وعلى قطع الاتّصالات الخارجية.

Let them think they are in control

إذاً.. على سام محاولة إظهار قدراته في الإقناع على أمل التّلاعب والتّأثير في الخاطفين، إضافة إلى إيجاد وسيلة ليوصل رسالة إلى مَنْ في الأرض بحالة الطّائرة، لذا يظهر وكأنّه يتعاون مع الخاطفين، أو كواحد منهم – هذا ما يخطر على بال بعض المخطوفين – ، ولكنَّ حقيقة الأمر.. أنّه يتعاون مع ذاته ومع المخطوفين، عبر تقرّبه من الخاطفين بأسلوبه الخاصّ، لكي يفهم الخاطفين أكثر، ويعرف أسباب الاختطاف ونواياهم! موضّحاً ذلك لأحد المسافرين بالقول: “Let them think they are in control دعهم يعتقدون أنّهم المسيطرون”.

الخاطفون مختطفون!

تتجاوز المسلسلة منتصفها، ولا تزال السّلطات البريطانية والإماراتية، وكلّ الدّول التي عبرت فوقها الطّائرة، غير عارفين بأنّ الطّائرة مختطفة، وحين يتنبّهوا إلى ذلك، عن طريق بعض المعطيات التي وصلتهم مِنْ سام وروبن، رغم أنّهما وبقية المسافرين غير عارفين بهوية الخاطفين ونواياهم، وهو أمر منطقي – فهم مختطفون – ولكنّ غير المنطقي.. أنّ السّلطات أيضاً لم تستطع معرفة هوية الخاطفين وأسباب الاختطاف، إلى أنْ يقوم الخاطفان الفعليان للطّائرة، وهما مجرمان معتقلان في أحد أعتى سجون المملكة المتحدّة البريطانية، بإيصال رسالة يعرِّفان بها عن نفسهما، وعن كشف أسباب اختطاف الطّائرة، وهي السّماح لهما بمغادرة المعتقل؛ ولنكتشف لاحقاً كـ – مشاهدين فقط – أنّ عائلات الخاطفين الخمسة “مختطفون أيضاً” ولكن على الأرض!.. ولتتابع الأحداث في آخر حلقتين، ونكتشف أنّ عائلات بعض الركّاب مختطفة أيضاً، وأنّ عليهم تنفيذ ما يريدانه – مَنْ كانا معتقَلين قبل قليل – وإلّا فإنّ عائلاتهم ستلقى حتفها، علاوة على أنّ الخاطفَيْن راهنا في البورصة على انهيار شركة الطّيران التي تنتمي لها الطّائرة المخطوفة، وكلّ ثانية تمرّ بها عملية الاختطاف تكسبهما ملايين الدّولارات.

تعمية

إذاً نحن هنا.. أمام تجربة درامية تزيد من جرعات التّشويق والإثارة والغموض عبر التّعمية المزدوجة للركّاب والسّلطات، إلّا أنّ المشاهد هو العارف الوحيد بحقيقة ما يعرفه الجانبين، ممّا يعني أنّ المتفرِّج فقط “القادر على توقّع الأحداث”؛ إضافة إلى أنّنا أمام تجربة طابعها انكليزي بامتياز، لناحية الهدوء الحذر والقسوة الباردة، اللذين يتمتّع بهما أبطال العمل، ولا شكّ أنّ خير من جسّد ذلك، الممثّل الذي أدّى دوراً استثنائياً “إدريس إلبا” في السّماء، والممثّلة العبقرية “إيفلين مايلز” على الأرض.

إلبا .. مايلز

“أردتّ أن أتأكّد مِنْ أنَّ الأمر يتعلّق بذكائه وتفكيره ونقاط ضعفه، بحلول اللحظة التي يصعد فيها على متن الطَّائرة، كان قد فقد أسرته بالفعل، لكنّه يبقى مهووساً بالرّغبة في العودة إلى منزله، لم أرغب بلعب دور الرّجل القوي أو البطل، وإنّما أردتّ أن أبدو ضعيفاً وهشّاً” بهذه الكلمات عبّر إلبا عن دوره في Hijack، أمّا عن رأيه بالعمل، فقد قال: “في اعتقادي هذا العمل نوع من الهروب من الواقع الذي جرت صياغته على نحو جيد، إنّه عمل ذكي، وأعتقد أنّ الكثيرين سيشعرون بأنّ العمل يمسّهم بصورة أو بأخرى، إنّنا لا نحاول اختراع العجلة هنا، هي مجرد قصّة نرويها على نحو بارعٍ وجيدٍ، وتضمّ شخصيات مقنعة”؛ من جهتها قالت مايلز عن دورها: “يبدو أنّها شخصية عادية، وجدت في لحظة أنّها ملزمة بالسّيطرة على هذا الوضع الاستثنائي في السّماء من خلال التّكنولوجيا الموجودة على الأرض، ما جذبني في شخصيتها إنسانيتها وطبيعتها، وكيف أنّها تشعر بالانكسار في العالم الواقعي، وكيف يتفاعل ذلك في أحداث عمل الإثارة هذا”.

جنسية ودين الشّر

الجدير ذكره أيضاً.. أنّ صنّاع العمل طرحوا عبر Hijack أنّه من الممكن صناعة عمل يحكي عن اختطاف طائرة، بكلفة إنتاجية غير عالية – نحو 80% من أحداث العمل صُوِّرتْ في مكان واحد “داخل الطّائرة” – وهو أمر غير مسبوق في أعمال مشابهة، كما أنّ غير المسبوق في مثل هكذا نوع من الأعمال الدّرامية الغربية والأمريكية، تصدير الخاطفين على أنّهم من (عرق أو قومية أو دين) معينين، فأظهرت هذه المسلسلة أنّ الشّر “لا جنسية ولا دين له”، كما سلّطت الضّوء على مسألة تلاشي الفوارق الطّبقية، بين ركّاب الـ VIP وصولاً إلى الرّكاب العاديين “في اللحظات العصيبة، البشر سواسية وفي ذات المصير”.

فخ!

من جهة أخرى.. فرغم أنّ المراد من فكرة التّطابق الزّمني هو تميّز العمل، إلّا أنّه وقع في فخّه، حيث أنّ هذا التّطابق خلق رتماً بطيئاً في أكثر من حلقة، وبشكل ملحوظ، ممّا دعا بعض النّقاد إلى القول: “لو كان العمل خمس حلقات لما كان قد تغيّر شيء، ولا نقص منه شيء”، علاوة على مجموعة الصّدف التي من غير المنطقي حصولها مع شخص واحد “سام” ضمن عشرات المخطوفين – مَن هو صديق زوجته ومن هي صديقته السّابقة – ، والصّدفة التي حصلت مع الفتاة التي وجدت الرّصاصة في حمام الطّائرة، وأخبرت بذلك من تظنّه أحد الرّكاب، ليكون أحد الخاطفين! ولماذا الرّصاصة في الحمام أصلاً!؟.. إضافة إلى مسألة التّفتيش في مطار دبي، المرتبطة بموظفّة واحدة فقط وطريقة مغادرتها – حتّى لو أنّ عائلتها في خطر، فكيف أنّ لا أحد ينوب عنها!؟. وفي النّهاية.. رغم أنّ صنّاع العمل صرّحوا أنّه من جزء واحد فقط، إلّا أنّ العمل انتهى وأبقى عديد الأمور مبهمة، منها (مصير زعيم الخاطفين الذي قتل شريكه، والعائلات المختطفة على الأرض).

 تقييم

Hijack العمل الذي قال عنه بعض النّقاد: “اختطاف.. تجربة بريطانية فاقت براعة المسلسلات الأميركية”، حقّق معدّل 87% على موقع “روتن توماتوز”Rotten Tomatoes  من النّقاد، فيما حقّق معدّل 69% من الجمهور، بينما تباينت نسب عديد المنصّات العالمية المختصّة بتقييم الأعمال الدّرامية حول هذا العمل، إذ منحوه نسبة تتراوح بين (7.5 – 8.5) من عشرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا